كثيرا من الادباء و الشعراء و الكتاب عرفوا الحب و نقشوا صفاته و تسمياته سطورا و سطور و نظمت فيه الاف القصائد ومئات الاغنيات السعيدة و الحزينة غير ان هذه التعاريف تبقى سطحية في تبيانها لحقيقة الحب و يبقى التعريف المناسب ذاك الذي يولد من رحم التجربة و تتبناه الحياة فيترعرع وسط الضغوط و جلبات المشاكل فيكون نتاج عوامل واقعية بعيدة كل البعد عن الخيال و الكلام المعسول فانطلاقا من تجارب عديدة تبين ان الحب لا تعرف مصداقيته الا بعد وضعه تحت مجهر الواقع حيث تصب عليه المشاكل و الوضعية الاجتماعية و متطلبات الحياة فاما هو ضعيف لا اساس له من الصحة ولا دعائم له سوى كلمات و عبارات تتزين بها شفاه القائلين به و احلام وردية تملء نفوس من يدعون الحب واما هو قوي شامخ في وجه الرياح العاتية صادق واثق الخطى صلب كالحجارة لا تدعمه الكلمات و الغزل و المجاملات بقدر ما تدعمه الافعال
كم من علاقة بين اثنين كانت عنوان الحب و شعارا للتضحية و الوفاء لكن مع اول هزة حطم شراع هواها و غرقت سفينة
عشقها في بحر الفشل هذا الفشل الناتج اصلا عن احلام و امال يقولها العاشق و يبدي الحماسة في تحقيقها وقد صدقها عقله الباطني تصديقا اعمى ورسم له قلبه طريقا مفروشا بورود لا اشواك فيها بحيث يقتنع الاخير ان الامور يسيرة لا صعوبة فيها و ان الحياة هادئة دوما لا اعاصير فيها ولا اضطرابات فيسرع العاشقين للزواج لمجرد حب بنيت دعائمه على مشاعر و احاسيس و بمجرد ما تزول كل الاغراءات و تلقي الحياة بخباياها جرعة جرعة او دفعة واحدة تتضح الرؤيا للزوجين و تخطيء كل الحسابات الموضوعة سلفا و يبين لهما ان هذا اصعب مما توقعا و تجد الحب الذي ترعرع في عالم الاحلام و الاماني ضعيفا يتقاذفه الواقع بمرارته فسرعان ما يموت و تنتهي العلاقة لانها بنيت اصلا ضعيفة مما يصفر عنها الانفصال لعدم التروي و الدراسة المعمقة و قصر نظر كل من الزوج و الزوجة و ليست صعوبات الحياة هي السبب الكامن وراء اي فشل للزواج المبني على الحب بل السبب الرئيسي هوالحب نفسه اذ انه في غالب الاحيان تحجب الرؤية الواضحة للزوجين قبل الزواج فتجد كل طرف يحاول ان يترك ذاك الانطباع الجيد و الصورة الجميلة في عقل الاخر فلا يظهر الا كل عمل طيب و صفة طيبة مما يجعل هذا الانطباع دافعا للتمسك ببعضهما و يداريا ما دون ذلك فيكون هذا سببا في التنافر و الانفصال بعد الزواج حيث تظهر حقيقة كل واحد منهما للاخر و تنجلي الغشاوة من عين كل طرف و تطفوا سلبيات شخصياتهما على السطح.
لذلك فالحب ليس هو الدافع الاساسي للارتباط بين الرجل و المراة فالحب و ان كان قويا فلا يشكل دافعا للاستمرار مهما تصدى للصعوبات بل هناك دوافع اكثر اهمية للارتباط اهمها على الاطلاق الخلق الطيب بين الزوجين التفاهم التوافق على مستوى السن مثلا المستوى الاجتماعي المستوى الدراسي الثقة الاحترام الدين ....الخ من اساسيات كل زواج ناجح
عندما قلت الحب معاملة لم انطق بهذه العبارة اعتباطا او هي تلخيص لاطناب او تفسير للبس بل هي عبارة ناجمة عن تجربة شخصية فعندما بدات اول خطواتي لتكوين اسرتي الخاصة وولوج عالم الزواج اخذتني ظروف الحياة القاسية في دوامتها و رغم الحب الذي اكنه لزوجتي والذي يستعصي علي وصفه الا انه لم يكن الدافع الوحيد للتمسك بها و مقاومة الصعاب بل الدعم و المساندة التي تلقيتها منها انذاك اذ كانت ملجئي و سندي في الضراء و السراء و بدلت الغالي و النفيس لتهوين هده الصعاب بدلت الجهد كله لتجعلني اصمد شجعتني لاءلا استسلم شكلت حضنا دافئا الجا اليه كلما اعتراني الخوف من الفشل طبطبت علي بحنان حين تمكن مني الياس و نجحنا لم يكن الحب منها وحده الدافع الى مساعدتي بل القناعة منها اننا فرد واحد مصيرنا واحد مبادؤها التي علمتها الوقوف الى جانب زوجها اخلاقها التي دفعتها لتكون الونيس و الحضن الدافيء و القلب الحنون ايمانها الذي تعلمت منه ان المراة لزوجها نعم السند اقتداءا بامنا خديجة رضي الله عنها والتي كانت دعامة حية لحبيبنا محمد صلى الله عليه و سلم .
من هنا يمكن ان اؤكد ان الحب معاملة اكثر من كونه شعورا و احساس دليل اخر على صحة قولي الا و هو التاريخ واقصد به عادات بلدي الحبيب المغرب فاذا عدنا الى الوراء بضع عقود و تخيلنا كيف كان يتم زواج اباؤنا و امهاتنا و قبلهم اجدادنا و نرى نجاح هذا الزواج تتجلى لنا الحقيقة واضحة وضوح الشمس في كبد السماء اذ لم يكن اغلبية ابائنا ان لم اقل معظمهم على علاقة حب مع زوجاتهم قبل الارتباط المقدس اذ لم تكن العادات تسمح للزوج برؤية زوجته الا في ليلة العرس و العجيب في الامر انها غالبا ما تكون من منطقة اخرى او خارج العائلة بحيث لا يتسنى له رؤيتها و معرفة مزاياها و سلبياتها و هي بالمثل ومع ذلك يتم الزواج بطريققة اعتبرها مسالة حظ و يستمر عمرا مديدا لا تشوبه خلافات قد تصفر على الانفصال و الطلاق فاين الحب في هذا الزواج?
انما الحب تولد بعد الزواج تولد بالمعاملة الحسنة الصبر المتبادل بين الزوجين تقديس مؤسسة الزواج انا لست ضد الحب قبل الزواج ما دام هناك طريق واحدة ينتهي اليها وهي الرباط المقدس لكن انا ضد الاندفاع الذي يتولد نتيجة حماسة الشباب فيعطي قلبه الاولوية ويهمل عقله فهذه الامور الحساسة يجب ان تضبط و توضع لها قواعد عقلية من طرف الشباب المقبلين على الزواج فانا وان رزقني الله عز وجل زوجة صالحة و غيري كثر الا ان هناك حالات وقعت في فخ الفشل مع الاسف فضاع الشاب ان سجلت هذه التجربة الفاشلة في سجل حياته و ضاعت الفتاة و هي الخاسر الاكبر ان وضعت في خانة المطلقة و الكل يعرف وضعية المطلقة في مجتمعاتنا العربية..
فليعرف الشباب و الشابات ما لهم و ما عليهم ماذا ينتظرهم من واقع الحياة ما هو الانسجام و مدى اهميته في نجاح الزواج و ان الحب ليس قاعدة في نجاح مؤسسة الزواج.
اسف على الاطالة مع تحياتي
موضوع: الحب معاملة 
10/7/2011, 22:31
