بسم الله الرحمن الرحيم
عيد لام
لا لم تقرأ الكلمة خطأ هى صحيحة ومقصوده ! فالعيد هو بالفعل عيد الألم وليس عيد الأم !!!
وسطورى هذه ليست لمناقشة الناحيه الشرعيه منه فى كونه ُمستحب أو مكروه فهذا مجاله عند علمائنا الأفاضل الذين شرحوا أسباب كراهة الاحتفال به شرعاً ولكنه عرض لوجهة نظر إنسانية وأدميه.
فالأم ليست فى حاجه إلى عيد لبرها والاحتفاء بها ولو كان فيه خير لفرضه الله سبحانه وتعالى أو أقره رسوله الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام على المسلمين مع أعيادنا فى الإسلام.
ولكن الذى يحدث أن هذا اليوم هو يوم لإيلام قطاع كبير جداً من الناس فاقدى الأًم أو محرومى الإنجاب .
حيث تتضافر كل وسائل الإعلام بكل جهودها وكذلك المتاجر والمحلات فى إيلام هذه الفئه أشد الألم سواء بالأغانى التى تصدح ليل نهار فتحز فى نفس كل من فقد أمه أو من ُحرمت من نعمة الإنجاب ...
ولا يمكن بأى حال من الأحوال أن تتساوى لحظة ألم واحده أو دمعه تترقرق فى عين سيدة لا أبناء لها أو فى عين طفل صغير أو شخص كبير فقد أمه ...أو ولد يتيم الأم مع لحظة سعادة أم بتهنئه من أبنائها أو فرح بهديه لايمكن أن تتساوى المشاعر...
إن القلب الكسير ليس علينا أن نكسره أو نتعسه أكثر بالتضافر عليه وتذكيره فى كل لحظه بما ُحرم منه ...
وأتعجب كثيراً لكل هذه المظاهرات التى تقيمها وسائل الاعلام المسموعة والمقروءة, وكذلك المتاجر بُكل هذه الحفاوة المبالغ فيها فى هذا اليوم لتذكر الأم وربما نفس الأشخاص الذين يبالغون فى هذه المظاهرات هم أبعد الناس عن برها طوال العام...!!
أوَ لم يخطر على بال أحدهم كم تؤلم تلك الأغانى التى ُتبَث طوال اليوم والأسابيع السابقه لهذا اليوم فى وجع القلب ؟
وإن لم يسمعها الشخص راضياً ُفرضت عليه فرضاً فى كل مكان حتى محلات السوبرماركت تتفنن فى بيع مالديها من بضائع وأغذيه بحجة أنها هدية عيد الأم حتى إن أعجب مارأيت نوع من الألبان وضع عليه شريط وكتب عليه هدية للأم !؟
فـُكل من عنده بضاعة كاسدة غلفها وأحسن عرضها (لست الحبايب) !.
فما شعور إذن من ليس له أم أو من ليس لها أبناء؟! ... أتنصرف عن الشراء ؟
وقد يقول البعض ولكن المحرومين دائماً يذكرون حالهم !!
أقول نعم ولكنها المبالغة فى الضغط على المشاعر فى كل شيء فى حياتنا سواء التلفاز أو المذياع أو الجرائد والمجلات ...
وإن قاطع الناس كل هذا ,,, فإن الأمر يطاردهم فى كل شيء حتى تهنئة الناس .. فلماذا كل هذا؟؟؟
من صغري وأنا أكره كثيراً هذا اليوم وفى مدرستى كنت أنفطر حزناً على زميلاتى من أعرف أنهن بلا أمهات وأعانى معهم باحتفالية المدرسة ومهرجاناتها المؤلمة لهن ,,
وأتمنى أن يتوقف كل هذا الصخب وإ راحتهم من عذاب من تصدح فى مذياع المدرسة :
((ست الحبايب ياحبيبه))
فتنزل معها دموع الصغيرات حزناً وألماً على فقدان الأم ولم أكن أسعد أبداً بهدية حملتها اضطراراً لوالدتى أدامها الله لى وأبقاها بصحه وعافيه ..
فقط كان ذلك لمجرد العادة ولكننى فى قرارة نفسى غير راضيه ولاسعيدة,, فتكريم الأم لاُيشترى بهذه البضاعة الهزيلة مهما غلا ثمنها.
ثم أين برها وتكريمها طوال العام؟!
إن مظاهر الألم النفسى لهذا اليوم كثيرة جداً ولكننى لن أنسى أبداً ما حييت موقفاً حدث معى منذ عدة أيام والأسواق كلها ُتعلن بإسراف عن الاستعداد لهذا اليوم فقد دخلت أحد المحلات مع والدتى لشراء سلعة ما واستقبلتنا البائعه وعرضت ماطلبنا منها وكانت هادئه وديعه ,,,
تلاطفنا معها وتجاذبنا أطراف حديث مازح ثم أصرت والدتى على دفع ثمن مااشتريته أنا من بضاعه..
فداعبت البائعه بقولى أظن أنها المرة الأولى التى ترى أنه فى وقت مناسبة يوم الأم هذه أن الأم هى التى تشترى الهدية لإبنتها وليس العكس فردت بصوت ُمنكسر أن دعت لي بأن ُيبقيها الله لى بخير ..وشعرت أنها طوال الوقت ترُقبنا فى صمت وكأنها فى مكان آخر ذهنها شارد وفكرها بعيد ..
فأشفقت عليها وشعرت أن هناك مايضايقها ولكن فى نفسى قلت ربما ضغوط العمل ثم و ضعت مااشترينا فى أكياس ودفعت لها والدتى الثمن وقد تركت لها بعض الزيادة على سبيل الهدية لها وقالت لها هذه هدية لك فإذا بالفتاة تنفجر ببكاء مر وحين سألناها ماالأمر قالت إن والدتها توفاها الله من قريب وهذا أول (عيد أم ) ُيمر بدونها وهى تشعر بالحزن الشديد لفقدانها وتفتقدها بشدة فى هذا الوقت ومع هذه الإحتفاليات الضخمة.
فاذا بوالدتى تُشعر بها وتحنو عليها وتتألم لحالها فقالت لها اعتبرينى أنا والدتك وهذه ُقبلة منى لك ففوجئنا بالفتاة وهى ترتمى فى أحضان والدتى وهى تجهش بالبكاء بصوت مرتفع جداً وتحضنها و تعتصرها تكاد تجتر منها اجتراراً حنان الأم وهى تبكى وأمى تبكى وأنا أبكى ولم أتحمل الموقف فخرجت أجري خارج المحل وفى نفسى أتمنى أن ألعن مخترع هذا العيد المؤلم الذى يضغط ويستفز مشاعر المحرومين ..
قد يقول البعض ولكن الفتاه بهذا اليوم أو بدونه ستشعر بالحزن لفقدان أمها ولكن الواقع إن إلهاب المشاعر والضغط عليها بكل مايصل للأذن هو أغاني الأم وكل ماتقع عينك عليه من بضائع هو للأم أليس فى هذا إثقال وتحميل فوق طاقه البشر ؟
فهو شيء مؤلم أشد الإيلام وربما لايشعر به إلا من يكابده أو من أعطاه الله رقه القلب التى هي من خير الله لعباده أن يدخل الرفق على قلوبهم..
فى السطور السابقه كان الحديث عن فاقدي الأم ,,,
أما من ُحرُموا من نعمة إنجاب الذرية فحدث ولاحرج عن مشاعر هذا اليوم الذى ينغص على كل سيدة لم ترزق بولد إلا من رحم ربى فالله سبحانه وتعالى يعطي ويحرم وهو عز من قائل فى مثل هذا الموقف :
(( لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ)) [الشوري : 49-50] .
فالله تعالى ُيعطى ويمنع ,,, يهب ويحرم ,,, والبعض يتقبل قضاء الله سبحانه بقلب مطمئن ونفس راضية ويعى الحكمة من هذا وله الحمد فى كل شيء
(فكاتبة هذه السطور ممن حرمهم الله سبحانه وتعالى الذرية ولكن كان تعويضة بالرضا عنه وبخير كثير أكثر مما يعادل هذه النعمه وله الحمد في كل أمره).
والبعض الآخر لكثير من الأسباب ليس المجال لذكرها لايتقبل هذا الأمر قبولاً حسناً فيظل ُيعانى ويتألم من الإبتلاء تارة ومن المعاناة الجسديه تارة أخرى ومن نظرات من حوله تارة وربما من الظروف الإجتماعيه تارة أخرى التى قد ُتشتت أسرا بسبب هذا الأمر,, وأسباب أخرى عديدة,,, ثم يأتى هذا العيد لُيكمل على البقية الباقية من أعصاب ومشاعر ووجدان هؤلاء المحرومات من نعمة الإنجاب !!!
أفلا نرحمهن من المعاناة وُنخفف عنهن بعضاً مما يعانين !!؟
أم يسعى الجميع سعي محموم لإتعاسهن وجعلهن يبكون وذلك بطعن هذه القلوب الحزينه ؟؟؟
إننى أدعو الله كثيرا أن يرحم مخترعى هذا اليوم الأليم ,,,
وأن يمّن على من يتظاهرون ويبالغون بالإحتفال به أن يتذكروا أنه على الجانب الآخر هناك فئات أخرى حزينه كسيره القلب والخاطر تحتاج الرحمة بهم والرفق بمشاعرهم وعدم إيذائهم نفسياً.
أدعو الله وأتمنى أن ينتهي هذا العيد يوماً ما من حياتنا,, وأن يستبدل به توعية دائمة للأبناء بأن بر الوالدة وإكرامها فى حياتها يكون فى كل لحظة وكل ثانية وليس يوماً واحداً فى العام...